تحسّن أداء الأسهم الأوروبية بشكل طفيف يوم الثلاثاء بعد تعافيها من البداية المتعثرة لأسبوع التداول، حيث استمرت مخاوف المستثمرين حول ارتفاع أسعار الفائدة ومخاطر الركود العالمي. ومن جانب آخر، يعود المضاربون على ارتفاع أسعار النفط إلى الواجهة من جديد هذا الصباح، ما رفع أسعار النفط بأكثر من 2% بعد تراجعه لمستويات لم يشهدها العالم منذ يناير من العام الجاري.
ومن ناحيتها، أغلقت بورصة وول ستريت خلال الليل عند أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2020، بعد أن فاجأ الدولار القوي والمخاوف بشأن مشروع الموازنة الجديدة في المملكة المتحدة أولئك المتفائلين بارتفاع قيمة الأسهم. وأمّا في مجال العملات، خطف الجنيه الإسترليني الأضواء بعد هبوطه لأدنى مستوياته على الإطلاق عند 1.0350 مقابل الدولار الأمريكي في الساعات الأولى من صباح الأمس. وواصل المضاربون على رفع أسعار الفائدة تصدُّر المشهد في خطوة عزّزت من معاناة الذهب، الذي تراجع بدوره نحو مستويات لم يشهدها منذ أبريل 2020.
عاشت الأسواق المالية فترة مليئة بالاضطرابات خلال الأيام القليلة الماضية، حيث دفعت مخاوف الركود المستثمرين إلى ترقّب تطورات السوق العالمية بكلّ حذر. يزخر الأسبوع الجاري بالعديد من الخطابات المرتقبة لمسؤولي الاحتياطي الفدرالي، وعلى رأسهم جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفدرالي، الذي يُلقي خطابه بعد ظهر اليوم، ما يزيد من مستويات التوتر التي تعيشها الأسواق، لا سيما حال تعزّزت التوقعات بتوجه الاحتياطي الفدرالي لرفع أسعار الفائدة من جديد. ومن شأن أيّ مؤشرات جديدة حول ماهية السياسات المرتقبة أو تأكيد على موقف البنك المركزي الداعم لمكافحة التضخم أن تُقدم المزيد من الدعم للعملة الأمريكية.
هل يُواصل الجنيه الإسترليني تراجعه نحو مستويات جديدة؟
نجح زوج عملات الجنيه الإسترليني / الدولار الأمريكي بتحقيق انتعاشة قوية كادت أن تُعوض جميع خسائره تقريباً بعد أن تراجع في جلسة التداول السابقة لأدنى مستوياته على الإطلاق. ومن جانبه، ارتفع الجنيه الإسترليني بأكثر من 1% هذا الصباح، ليتم تداوله فوق حاجز 1.08 بفضل عمليات تحصيل الأرباح وضعف الدولار. ومع ذلك، لم يتجاوز الجنيه الإسترليني منطقة الخطر بعد، لا سيما في ضوء ازدياد المخاوف بشأن دور الميزانية الحكومية الصغيرة الرامية إلى خفض الضرائب في تعزيز التضخم ومستوى الدين. ومن جانب آخر، كثُر الحديث عن توجه بنك إنجلترا لاعتماد زيادة طارئة في أسعار الفائدة لإنقاذ الجنيه الإسترليني وتهدئة الأسواق. وقد تحدُّ مخاوف التضخم وغيرها من المعوقات التي تُضعف الإقبال على الجنيه الإسترليني من رحلة تعافيه، حتى لو اضطر البنك المركزي للتدخل.
ومن الناحية الفنية، قد يكون الجنيه الإسترليني على موعد مع أسبوع حاسم، لا سيما وأنّ المسار الأقل مقاومة لزوج العملات الرئيسي هذا يتجه نحو المزيد من الانخفاض. يُمكن لاستمرار التراجع لما دون مستوى 1.0850 أن يُسفر عن هبوط جديد نحو 1.0520 (أدنى مستوى مُسجل تاريخياً منذ عام 1985) وحتى 1.0350، علماً أنّنا سوف نشهد دخول مستويات جديدة تاريخياً دون هذا المستوى. وفي المقابل، ستُحفز أيّ زيادة فوق حاجز 1.0850 المضاربين على ارتفاع الجنيه الإسترليني للمضي قُدماً نحو مستويات جديدة عند 1.1100 و1.1350، على الترتيب.
مخاوف الركود تُهيمن على أسواق النفط
ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 2% يوم الثلاثاء بعد تعافيها من أدنى المستويات المُسجلة منذ بداية يناير مدفوعة بتراجع الدولار.
ومع ذلك، يبقى النفط إلى حدّ كبير محكوماً بالضغوط الناجمة عن مخاوف الركود العالمي والقلق المستمر الناجم عن مسائل العرض والطلب والدولار القوي بشكل أكبر. وفي حين أسفرت اضطرابات العرض الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية عن ارتفاع الأسعار في البداية، لعبت السياسات النقدية المتشددة في جميع أنحاء العالم، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى انكماش اقتصادي طويل الأمد، دوراً محورياً في وضع حدّ للمكاسب التصاعدية التي حققها النفط. وبالنظر إلى التراجع الأخير في الأسعار، تتوقع الأسواق حدوث تدخلٍّ من جانب مجموعة أوبك بلس عندما تلتقي لوضع سياستها في الخامس من أكتوبر المقبل. واتفق أعضاء المجموعة في اجتماعهم الأخير على اعتماد خفض رمزي في العرض بواقع 100 ألف برميل يومياً لشهر أكتوبر. وستتأثر التوقعات الخاصة بسوق النفط على مدى الأشهر المقبلة بصرف النظر عن طبيعة القرار الذي ستتخذه المجموعة الأسبوع المقبل.
لمحة على السلع الأساسية – الذهب
يبدو بأنّ أسعار الذهب بدأت بالاستقرار بالتزامن مع توقف المسار التصاعدي للدولار، بعد أن وصلت لأدنى مستوياتها منذ أبريل 2020 في الجلسة السابقة.
ومع ذلك، يبقى المعدن الثمين بشكل كبير تحت رحمة الدولار القوي وعائدات سندات الخزينة المتزايدة في خضم قرارات الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة. يجري تداول أسعار الذهب عند حوالي 1633 دولار للأونصة لغاية تاريخ كتابة هذا التقرير، علماً أنّها ما تزال عرضة لمزيد من الارتفاع قبل أن يستأنف المضاربون على ارتفاع الأسعار عقوبتهم. قد نشهد مستويات أعلى من التقلب للذهب على مدى الأيام القليلة المقبلة، لا سيما مع بدء الأسواق في استيعاب دلالات الخطابات العديدة المرتقبة لمسؤولي الاحتياطي الفدرالي.
وبالنظر إلى المعدن الثمين من الناحية الفنية، نجد بأنّ المسار الأقل مقاومة يتجه نحو أسفل المنحنى. ومن شأن استمرار التراجع لما دون 1660 دولار للأونصة أن يضع زمام المبادرة في أيدي المضاربين على ارتفاع الأسعار. وقد يؤشر آخر تراجع لما دون 1625 دولار للأونصة لوجود المزيد من التراجع نحو حاجز الـ1600 دولار للأونصة. ويُمكن إيجاد مستوى الاهتمام التالي عند 1680 دولار للأونصة في حال عادت الأسعار للارتفاع فوق حاجز الـ 1660 دولار للأونصة.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.