يدرك المتداولون المحنكون أن التقلب قد يحدث في أي وقت في أي جزء من الأسواق المتصلة ببعضها حيث نتداول. كذلك قد تعكر الصدمات الحادة أو التقلب غير المرغوب فيها صفو تلك الأسواق ذات الاتجاه الناعم أو الأسواق العرضية.
التقلب عبارة عن نزعة إحصائية لسوق معين للارتفاع أو الانخفاض بحدة في غضون مدة زمنية وجيزة، ويُقاس التقلب باستخدام الانحرافات المعيارية، بمعنى مقدار انحراف السعر عما هو متوقع، وهو -بصفة عامة- متوسط السعر.
عندما يزيد التقلب فإننا نرى نطاقات سعرية كبيرة وأحجام تداول مرتفعة ويتركز التداول في اتجاه واحد، فعلى سبيل المثال، عدد قليل من أوامر الشراء عندما يتراجع السوق، وعدد قليل من أوامر البيع عندما يرتفع السوق. وفي الوقت ذاته تقل رغبة المتداولين في الاحتفاظ بمراكز تداول إذ يدركون أن الأسعار قد تشهد تغيرات كبيرة، فيتحول معها رابحون إلى خاسرين.
يشير التحليل الأكثر عمقًا لتقلب السوق إلى أنه في ظل التقلب الشديد يزيد احتمال ظهور سوق متراجع، والعكس مع التقلب المنخفض الذي يشيع في الأسواق الصاعدة.
يوجد الكثير من العوامل التي تتسبب في تقلب الأسواق، ومن أمثلة هذه العوامل الإعلانات غير المتوقعة من جانب البنوك المركزية وأخبار الشركات ونتائج أعمالها غير المتوقعة. بيد أنَّ العامل المشترك الذي يجمع كل هذه العوامل معًا يتمثل في ردود الأفعال الناجمة عن القوى النفسية التي يتعرض لها كل متداول على مدار يوم التداول.
يشعر المتداولون في ذروات السوق بالرضا عن العوائد المحققة، ويعتقدون أن هذا الجو الإيجابي في السوق سوف يستمر لمدة غير محدودة، ويبدو لهم التداول أفضل ما يمكن ممارسته في العالم، إذ يصبح من السهل عليهم إدارة المخاطر والعثور على صفقات رابحة، ويمكن القول بعبارة أخرى إن الرضا عن الذات يكون هو عنوان المرحلة، ولا يُلتَفَت إلى أي محاذير.
على النقيض نجد المراحل الشعورية للاتجاه النزولي في السوق، إذ سرعان ما تتحول حالة الإنكار إلى حالة من الهلع، ويصاحب هذه الحالة من فقدان الثقة تغيير في الخطط والاستراتيجيات، بل وحتى نسيانها مع سيطرة الخوف، قبل أن يتحول الشعور باليأس المروع إلى حالة من الاستسلام.
في تلك الفترة الأخيرة يصل المتداولون إلى نقطة الانهيار، فلا يخفف من ألمهم سوى ضغط زر البيع الذي يتم غالبًا في ظل عجز عن التفكير المنطقي، وينطبق على هذه المرحلة العبارة الشهيرة التي قالها المستثمر الأسطوري وارن بافت: "خَف عندما يطمع الآخرون، واطمع عندما يخاف الآخرون". عند هذه النقطة تتكالب الأيادي القوية، في وقتٍ ما زالت فيه الأيادي الضعيفة في حالة سيولة.
الخوف والطمع هما العنصران المغذيان للتقلب، وهما الأساس الحقيقي المحدد لسلوك السعر عندما يزيد التقلب، وقد يتحققان في أي إطار زمني، ولا ينجو أحد منه بداية من المضاربين والمتداولين اليوميين وأصحاب التداول المتأرجح، بل يمرون جميعهم به.
الأرجوحة الشعورية للتداول والاستثمار هي أمر يجب على كل متداول أن يسعى إلى السيطرة عليه.
إن التقلب -كما نعرف- يقيس التذبذبات الكلية في السعر خلال مدة زمنية معينة. توجد طرق عِدَّة يستخدمها المتداولون في قياس هذه التحركات، ويُعَد مؤشر التقلب (VIX index) واحدًا من أشهر هذه الطرق.
يقيس مؤشر التقلب توقعات السوق بشأن تقلب مؤشر S&P 500 خلال الثلاثين يومًا المقبلة، ويُحتَسَب المؤشر وفقًا لأسعار الخيارات، وكلما ارتفعت قراءة المؤشر دلَّ ذلك على ارتفاع تقلب سوق الأسهم، في حين تدل القراءات المنخفضة للمؤشر على انخفاض التقلب. يمكن القول بعبارة بسيطة إنه عندما يرتفع مؤشر التقلب، يتراجع مؤشر S&P 500، وهو ما يشير إلى أن الوقت مناسب لشراء الأسهم.
تُعَد قراءة دون 12 منخفضة، بينما تُعَد قراءة أعلى من 20 مرتفعة. من الناحية القياسية، بلغت أعلى قيمة تقلب يومية على الإطلاق 89.5 نقطة مُسجَّلَة سنة 2008. تساعد مقارنة المستويات الفعلية لمؤشر التقلب بتلك المتوقعة في تحديد ما إذا كان المؤشر "مرتفعًا" أم "منخفضًا". كذلك توفر هذه المقارنة مؤشرًا أوضحًا على ما يتوقعها السوق بشأن التقلب المُنتَظَر مستقبلاً.
ثمة مؤشرات أخرى مشابهة في أسواق السندات والعملات تنطوي عليها أسعار الخيارات، وهي أيضًا تساعد كثيرًا في قياس التقلب.
ثمة مؤشر آخر يشتمل على مؤشر التقلب المُشار إليه آنفًا، ويُطلَق عليه اسم مؤشر الخوف والطمع. هنا تختبر CNN سبعة عوامل مختلفة لقياس معنويات المستثمرين عن طريق احتساب المتوسط المتساوي الأوزان النسبية لكل عامل من هذه العوامل.
يُقاس المؤشر على مقياس من صفر إلى 100، من الخوف الشديد إلى الطمع الشديد، وتمثل القيمة 50 نقطة متعادلة. أصبح هذا المؤشر دليلاً على بلوغ الخوف ذروته.
يظهر لنا التاريخ إمكانية الاعتماد على هذا المؤشر في الاستدلال على نقاط التحول في أسواق الأسهم؛ فعلى سبيل المثال، أدى انهيار ليمان براذرز إبان الأزمة المالية العالمية في سبتمبر من عام 2008 إلى تراجع المؤشر إلى قيمة متدنية بلغت 12، قبل أن يقفز بعد ذلك بثلاث سنوات ليصل إلى 90 في ظل الارتفاعات المحمومة التي شهدتها أسواق الأسهم بعد الحزمة الأخيرة من برنامج الاحتياطي الفيدرالي لشراء الأصول (QE4).
إذا أردنا أن نتوغل أكثر في تقلبات سعرية أكثر خصوصية تتعلق بسوق بعينه، فيجدر بنا أن ندرس التقلب الضمني والتقلب المحقق، حيث يمثل الأول السعر السوقي الحالي بناءً على توقعات السوق بشأن الحركة خلال مدة زمنية معينة، ويسمح هذا الرقم الاستباقي للمتداول باحتساب مدى التقلب المنتظر للسوق مستقبلاً، على سبيل المثال، الوقوف على الحركة والنطاق الضمنيين لأحد أزواج العملات بدرجة معقولة من الثقة. هذا المؤشر مفيد جدًا في احتساب مسافات التوقف وحجم المركز.
يمثل الحركة الفعلية للأسعار التي حدثت في مدة زمنية تاريخية محددة، وتستطيع بعض مؤشرات التحليل الفني مثل النطاق الحقيقي المتوسط (ATR) وأشرطة بولينغر أن تساعدنا في تحديد ذلك. يوضح مؤشر النطاق الحقيقي المتوسط متوسط مقدار حركة أصل معين في إطار زمني معين، ويشير تراجع المؤشر إلى نطاقات سعرية ضيقة؛ ومن ثم، انخفاض في التقلب. أما ارتفاع المؤشر فيشير إلى تزايد في التقلب.
توضح أشرطة بولينغر تزايد التقلب أو تراجعه، وتعمل كما لو كانت مستويات ديناميكية للدعم والمقاومة، وتستطيع أن توضح حالات الشراء المفرط أو البيع المفرط، إذ تتباعد الأشرطة عندما يزيد التقلب، وتضيق عندما ينخفض التقلب.
التداول نشاط محفوف بالمخاطر، تتولى أنت فيه بصفة أساسية إدارة المخاطر إدارة مستمرة طوال اليوم لكل مركز تملكه، أو تحتسب المخاطر المحتملة على المراكز الجديدة. فلنستعرض معًا خمسة مبادئ ينبغي على المتداول أن يستعين بها عند زيادة التقلب:
1إدارة المخاطر: افهم المخاطر المحيطة بكل صفقة تداول تبرمها. إذا كنت تعرف العوائد المتوقعة لكل صفقة عن طريق معرفة كل النقاط الممكنة للدخول والخروج، فإنه يتعين عليك أن تقوم بصورة منتظمة بتصور كل صفقاتك والمقارنة بينها، وعلى المتداول دائمًا أن يفضل التأكد على المخاطرة، وهو ما يعني –بصفة عامة- تقليل مستوى الرافعة وحجم المركز في أوقات زيادة التقلب.
2أنواع الأوامر: احرص دائمًا على استخدام أوامر أيقاف الخسارة، فهي تساعدك في معرفة مقدار المخاطرة الذي ترغب تحديدًا في تحمله لكل صفقة قبل أن تنشئها. تذكر أنَّ: "ليس المال الذي تربحه هو الذي يجعل منك متداولاً ناجحًا، بل المال الذي لا تخسره". إذا كنتَ تستخدم المتوسطات المتحركة في تحديد المستويات، فضع في اعتبارك أن تستخدم المتوسطات الأطول أجلاً للتقليل من احتمالات تنشيط الأمر بسبب قفزة طارئة في السعر عند اشتداد التقلب.
كذلك قد تأخذ في اعتبارك أن تستخدم أوامر الحد، التي قد تعمل على تقليل المخاطر عن طريق الشراء بسعر أعلى قليلاً من سعر السوق؛ ومن ثم، فإنك في واقع الأمر تجعل السوق يرتفع قليلاً، وهو ما يعني أنك تشتري في نفس وجهة الاتجاه وليس عكسها.
أوامر الحد لجني الربح مهمة أيضًا، حيث يعرف المتداولون احتمال ارتفاع صفقاتهم، والسعر الذي يريدون الخروج به عندما يكونون رابحين، وهذا من شأنه أن يقضي على تدخل المشاعر في التداول، وهذا الأمر أهم من وضع حد للصعود، ويكون في وسعك دائمًا معاودة دخول الصفقة إذا تلقيتَ إشارات جديدة.
3التمسك بالخطة: ينبغي أن تكون لديك استراتيجية محكمة معرفة بعناية، وأن تكون قد اختبرتها في كل أوضاع السوق، وهذا يعني بالضرورة ألا تقفز في خِضَم الأسواق المتقلبة، متجاهلاً قواعدك التي سبق لك تحديدها. كذلك ينبغي للمتداول الواسع المعرفة أن تكون لديه مبادئ توجيهية بشأن أحداث المخاطرة الأساسية مثل اجتماعات البنوك المركزية ونشر تقارير الأرباح التي تمثل من الناحية التاريخية أحداث ذات درجة تقلب مرتفعة.
4التحكم في المشاعر: تستطيع الأسواق المتقلبة أن تؤثر في المتداولين وتدفعهم إلى التخلي سريعًا عن خططهم وتجعل صبرهم ينفد. لا تدع التفكير القائم على التمني –والمعروف باسم الانحياز التأكيدي- أن يؤثر على تفكيرك، بل ينبغي لك أن تتحلى بالانضباط لتقبُّل الشواهد وعدم اتخاذ ردود فعل مندفعة. كذلك ينظر المتداولون عادةً إلى العوائد المحققة مؤخرًا عندما يتخذون قرارات مفاجئة -الانحياز إلى الحداثة- فيجعلهم ذلك يتعجلون الأداء.
5ثقِّف ذاتك: مهما كانت خبرتك كمتداول، توجد دائمًا مساحة للتحسين، وهذا يعني أن تقوم بما عليك من واجبات بدقة، سواء بدا التداول عسيرًا أم يسيرًا. كذلك يُعَد إخضاع إجراءاتك لإعادة النظر من الأمور المستمرة غير القابلة للنقاش.
يتسم التداول بالمخاطرة لاسيما في أوقات التقلب
عقد الفروقات عبارة عن مشتقة مالية تعتمد على سوقٍ أساسي، وتسمح لك بفتح مراكز بمستوى مرتفع من الرافعة، وأنت بدورك تشتري أو تبيع هذه العقود التي تمثل مبلغًا معين لكل نقطة في ذلك السوق.
بالنظر إلى أن عقود الفروقات لا تنطوي على تملك فعلي للأصل الأساسي، فإن تداولها يعني أنه بوسعك أن تتداولها في الأسواق الصاعدة والهابطة على حدٍّ سواء؛ فهي تمنحك فرصة الشراء الحقيقي أو البيع على المكشوف لمجموعة متنوعة من الأدوات التي تشمل الأسهم والمؤشرات والفوركس والسلع الأولية.
تستطيع أن تستخدم عقود الفروقات في الأوقات التي يزيد فيها التقلب في تنويع بعض من مراكزك؛ فعلى صعيد العملات، ربما ينطوي ذلك على المضاربة على الدولار الأمريكي في أحد المراكز والمضاربة ضده في مركزٍ آخر. وفي مجال الأسهم، يمكنك توزيع المخاطرة على قطاعات أو قيم سوقية أو مناطق جغرافية مختلفة.
في موقف كهذا، ربما لا تكتفي فقط باستعمال مراكز بأكملها في تلك الصفقات، بل ربما تفضل قدرًا أكبر من التعرض. ربما تؤدي تلك الاستراتيجية إلى ملاشاة الأرباح والخسائر أيضًا. كما قد تضيف مزيدًا من التعقيدات إلى التداول، وهو أمر قد لا يكون مرحبًا به. كذلك قد تؤدي إلى الحفاظ على رأس المال في ذروة أوقات التقلب.
يتمتع تداول عقود الفروقات بفاعلية خاصة عند شراء أسهم في أسواق خارجية والاحتفاظ بها؛ حيث يكون لك بذلك تعرض لعملات أجنبية، وبذلك تستطيع عقود فروقات الفوركس أن تقلل من تأثير تقلبات العملات على محفظتك.
وبنفس الطريقة يمكن التحوط ضد أسواق الأسهم المتقلبة باستخدام عقود فروقات المؤشرات. على الجانب الآخر، إذا كنتَ تتوقع هبوطًا حادًا، فبوسعك حينئذٍ أن تفتح مركزًا تبيع به على المكشوف واحدة من أصول الملاذ الآمن التي تحتفظ بقيمتها -ولو نظريًا- إذا تدهورت أحوال السوق. ويُعَد الذهب مثالاً كلاسيكيًا على أصول الملاذ الآمن.
توجد مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها، وهذه الاستراتيجيات تشمل تداول الأصول التي تتحرك في اتجاهٍ مخالف لاتجاه حركة مراكزك الحالية أو تداول مراكز تلاشي مركزك الحالي. مهما كانت الوسيلة التي تختارها، فسوف تجد عقود الفروقات خير وسيلة لمعادلة التعرض لسوق معين في أوقات التقلب، إذ تحتاج في ذلك الوقت إلى القدرة على إنشاء مراكز في كلا الاتجاهين.
هل تتداول من خلال وسيط عالمي حاصد للجوائز؟
افتح حساب لدى FXTM اليوم للتمتع بتجربة تداول فائقة.
النطاق الحقيقي المتوسط (ATR): متوسط نطاق التداول للسوق في غضون مدة زمنية معينة.
أشرطة بولينغر: أشرطة تقلب توضع أعلى المتوسط المتحرك وأسفله، وتُحدد باستخدام الانحرافات المعيارية.
عقد الفروقات: مشتقة ممولة بالرافعة تتيح لك التداول بيعًا وشراءً، حيث تتبادل الفارق في القيمة بين سعري الفتح والإقفال للعقد.
التقلب الضمني: توقع السوق لحركة محتملة في سعر أصل معين، ويُستخدم عادة في تحديد أسعار عقود الخيار.
التقلب المحقق: يقيس التغير في الأصل الأساسي عن طريق قياس التغير في السعر خلال مدة زمنية معينة، ويُعرَف أحيانًا بالتقلب التاريخي.
الانحراف المعياري: مؤشر إحصائي يوضح مدى تباعد الأسعار عن متوسطها، ويشير النطاق الضيق للتداول إلى تقلب منخفض.
مؤشر التقلب (VIX): مؤشر يقيس التقلب المتوقع في مؤشر S&P 500 خلال 30 يومًا، ويُعرَف أحيانًا بمؤشر "الخوف"، وتشير القراءة المرتفعة إلى سوق متقلب مرتفع المخاطرة.
التقلب: مؤشر إحصائي يشير إلى مقدار التغير في قيمة الأصل وسرعة هذا التغير حول متوسط السعر خلال مدة زمنية معينة. وعادة ما يشير التقلب المرتفع إلى مخاطرة مرتفعة حيث تقل القدرة على توقع الأسعار.
املأ النموذج لتشرع في التداول،
ويكون لديك حسابك الخاص في غضون دقائق.
لديك أي أسئلة؟ تواصل معنا، فنحن هنا للمساعدة.